إنها ملفات منتنة لمنتخبين محليين فاسدين من أبناء جلدتنا اللئام, تكالبوا على مقدرات المواطن المستضعف بمدينة الداخلة, و ساندهم مسؤولين فاسدين من أسفل الهرم و حتى أعلاه, باعوا و إشتروا في إنتظارات و حاجيات و حرمان رعايا صاحب الجلالة بهذه الربوع البائسة, و حولوا تراب شبه جزيرة الداخلة, الى فريسة تناهشوها فيما بينهم تناهش الضباع للجيف في أعماق البراري.
فالبلاد أصبحت أرض سيبة و حاميها هو نفسه حراميها, و مؤسسات الدولة الرقابية خبيرة فقط في إعطاء الدروس للمواطنين في كيفية المواطنة الصالحة و حب الأوطان, و القانون سيف مسلط فقط على رقاب الضعفاء و البسطاء, أما الحيتان الضخمة و بطون "لحرام", فلا يسألون عما يفسدون في حال البلاد و العباد بهذه الأرض المنكوبة. فالصحراء ستظل دوما حالة شاذة و إستثناء مقيت, لأننا متأكدين بأنه ما كان ليجرأ منتخبين و مسؤولين جهويين فاسدين على إرتكاب تلك الخروقات الإجرامية الفاضحة بمدن شمال المملكة, لأنه عندهم هناك مجتمع حي, و عندنا هنا مجتمع منافق و مرتزق, خبير في بيع "التزيرة".
إن الذي يثير فعلا الإشمئزاز, هو أن يتحالف ثلة من المنتخبين اللصوص مع مسؤولين مفترسين وافدين على المنطقة, و يعيثون فوق تراب شبه جزيرة الداخلة فسادا أسودا, موثقا بالأدلة و الرقائق, التي لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها, و مع ذلك تصمت الصحافة المحلية عن الحديث في الموضوع, و تجدها تنظر في كل شيئ تافه لا ينفع المواطن و لا يضره, أما حيتان الفساد الضخمة, فالحديث عن فضائحهم بات من الطابوهات حتى صارت القصاصات الإخبارية لتلك المواقع بردا عليهم و سلاما, و صاروا خارج التغطية تماما, أما المجتمع المدني و الحقوقي فلقد أشبعه على ما يبدو ما يلقى له بين الفينة و الاخرى من المنافع و الفتات, فصمت عن الكلام المباح.
و عودة على ذي بدأ، إطلعت كغيري من ساكنة الداخلة على تقارير سوداء موثوقة، تؤكد قيام مجموعة من مصاصي دماء الساكنة الذين يدعون مجازا "منتخبين", من دون خوف أو حياء، و بتواطئ مع مسؤولين فاسدين بولاية الجهة, بالإستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي "لحرايث" جنوب الداخلة، بطرق إحتيالية ملتوية و مشبوهة.
إن السرعة الجنونية و السرية التامة التي تم بها الاستلاء على العقار سالف الذكر و "على عينك يا بنعدي", يجعل المرء يحتار ويطرح الأسئلة الفاحشة التالية: من أين لهؤلاء المنتخبين المحظيين و المرضيين، كل هذا النفوذ و السطوة للإستلاء المقنن بكل هنجعية و "زعامة" على ممتلكات الدولة و أراضي مخصصة لمشاريع عمومية، بهدف تحويلها الى مشاريع ربحية خاصة؟ و من أين لهم كذلك كل هذه القوة داخل مفاصل الدولة التي جعلتهم مدللي كافة السلطات و السادة الذين لا ترفضوا لهم أي طلبات بمدينة الداخلة المنكوبة؟ و أين هي أجهزة وزارة الداخلية و سلطات الرقابة مما يحدث؟ و كيف سمح لهؤلاء المنتخبين المتنفذين بالاستيلاء على عقارات عمومية مملوكة للدولة من دون احترام المساطر القانونية المتعارف عليها و في ظل غياب أية سمسرة عمومية و مزاد علني للبيع؟ و من الذي قام بالتلاعب ب"كروكي" العقار الأصلي و تفويته بطريقة غير قانونية الى هؤلاء المنتخبين بعد أن تمت قرصنته بالاكراه من ملاكه الشرعيين؟ و ما هو الثمن الذي تحصل عليه مقابل ذلك؟
أسئلة حائرة و فساد أسود مقيت زمجرت رعوده على رؤوسنا, و أحداث متسلسلة لم نعد قادرين على استيعابها, من هول حجم المشاريع المشبوهة التي يحظى بها بعض المنتخبين المحليين المحظوظين, ويحرم منها أبناء النزاع و المنطقة, فبالله عليكم, بأي وجه حق تمكن هؤلاء المنتخبين المثيرين للجدل, و المتهمين بإستغلال النفوذ و التربح من الريع عن طريق الترامي على أملاك الدولة ذات المنفعة العامة, بشكل مشبوه و مفضوح تلوكه الألسن في البيوتات و المقاهي, و تعج به مواقع التواصل الاجتماعية؟ و من أين لهم كل هذه التسهيلات و النفوذ و القوة، ما جعلهم فوق القانون و المحاسبة بجهة الداخلة وادي الذهب؟؟؟
ما يحز في النفس أن خطابات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، كانت واضحة وضوح الشمس في الدعوة إلى القطع مع سياسة الريع البغيض و الامتيازات الغير قانونية, لكن يبدو أن المسؤولين المغاربة بالصحراء و الجهة, قد حولوا خطابات الملك الى ما يشبه المناسبات الفلكلورية, خبروا خلالها الإنصات الطقوسي الكاذب, و ما إن ينتهي جلالة الملك من توجيهاته و انتقاداته و نصائحه, يولون الأدبار و لا يعقبون, و تراهم بعد خطاباته أشد كفرا بها و نفاقا, و من لم يحترم كلام جلالة الملك, قطعا لن يكلف نفسه عناء قراءة ما نخط من خزعبلات, فنحن مجرد تافهين, و الصحراء أرض سايبا, و "اللي ما عجبو الحال يمشي يخبط راسو مع الحيط", إنتهى الكلام.